قصه جديده روايه بقلم نورهان العشري
المحتويات
شامخ متجاهلة تلك النظرات التي تحاوطها من كل الاتجاهات و أيضا تلك الهمهمات التي منها متعجبة و آخرى معجبة ولكنها لم تهتم فقد كانت تبحث عن نور التي وجدتها تقف وحدها بعد أن انشغل فراس في الحديث مع أحد رجال الأعمال لتشعر بأحدهم يضع يده فوق كتفها فقامت بالالتفات لتقع عينيها على هدى التي كانت تناظرها بإبتسامة جميلة فصاحت نور بانبهار
هدى بسخرية
لا أنا عفريت.. نعم أنا ماذا أصابك نور
نور وهي لازالت على حالتها من الإنبهار
يا إلهي تبدين رائعة .. أين كنت تخفين هذا الجمال يا فتاة
انكمشت ملامحها بسخرية تشوبها المرارة التي اوضحتها نبرتها حين قالت
هل كان مظهري بشعا إلى هذه الدرجة
فطنت نور إلى ما تشير إليه فحاولت أن تجمل كلماتها قدر المستطاع حين قالت
أثقلت كلمات نور ثقتها بنفسها و عززت من غرورها الذي تفشى في نبرتها وهي تقول
من الآن فصاعدا سأكون هكذا .. هدي القديمة لم يعد لها وجود .
ناظرتها نور بخبث ثم قالت تمازحها
أعترفي أنك أردت تسديد سهم قاټل في مرمى شاهين ! ولكن اعلمي انك هكذا ستتسببين في خسائر فادحة
فلېحترق بنيرانه التي أشعلها و أيضا انا لا أضعه في حساباتي فقد رسمت حياتي بدونه وأنا الآن أفضل بكثير .
لم يكن حبا مستحيلا و لكنه ايضا لم يكن ممكنا. لم تفرقنا الأقدار بل اختارنا الفراق بأنفسنا . اختارته انت و لم اقاومه انا .احتملت من الالم و العڈاب و الحزن ما لم يتحمله أحد و كنت كل ليله أخبر نفسي بأنه لايزال مكاني بقلبك شاغرا إلى أن جائتني صدمة انتمائك لغيري . في البداية لم استوعبها و رفضها قلبي للحد الذي أتى بي جرا اليك لنضحك سويا علي تلك المزحة السخيفة لآراك تعلنها بملء إرادتك دون النظر إلى قلبي الذي تمزق لاشلاء أمام سهام غدرك و الذي لا أعلم أن كتب له الحياه بعدك مرة ثانية ام لا و بالرغم من كل هذا لم اندم علي عشقك يوما
نورهان العشري
مرحبا أيها الضخم..
هكذا تحدث شاهين بصخب و هو يضرب كتف فراس پعنف فالټفت الأخير يناظره بجمود قبل أن يجيبه بفظاظة
لم تأخرت أيها الوغد ألم أخبرك أن تأتي في الموعد
تململ شاهين بضيق تجلى في نبرته حين قال
لم يجيبه إنما لمعت عينيه بمكر قبل أن يقول بتخابث
هل استمتعت بوقتك في المالديف إذن
تشدق ساخرا
وهل يستمتع من يمتلك صديق مثلك ! لقد أفسدت علي شهر عسلي و تسأل أيضا
فراس بفظاظة
يالك من ناكر للجميل لقد أنقذتك ولا يمكنك إنكار ذلك ..
أجل .. و تستحق أن أشكرك على انقاذك لي فقد كدت
أفقد سمعي من كثرة الحفلات الصاخبة التي تعشقها زوجتي المصون .
كان يتحدث و عينيه تدور في كل مكان بالحفل إلى أن التقمت عينيه نور التي تقف و بجانبها إمرأة تبدو من الخلف جذابة للغاية فوجه حديثه إلى فراس قائلا باستفهام
من هذه الفاتنة التي تقف مع نور
فراس بتهكم
أيعقل أنك لا تعرفها
ضيق عينيه بتفكير بينما نظراته تتفحصانها بدقة و سرعان ما برقت عينيه حين فطن إلى هوية المرأة فأخذت ضربات قلبه تدق كالطبول فصاح پصدمة
مهلا .. مهلا هل هذه هدى زوجتي
ناظره فراس باستخفاف لم يلحظه فقد كان مشغولا بالنظر إليها و إمارات العجب والإعجاب بادية على وجهه حين قال باستفهام
ماذا حدث لها يا ترى هل أصابتها قنبلة نووية حطمت دبابيس شعرها اللعينه و بعثرت خصلاتها هكذا
تعاظمت صډمته حين التفتت هدى لتسلم على أحدى السيدات فرأي وجهها ليهتف بإندهاش
لحظة هل تضع مساحيق التجميل هل ماټت أمي و أنا لا أعرف
ضاق ذرعا من سخريته وقال بجفاء
كفاك سخرية و لتعلم قيمة ما لديك قبل أن تفقده .
امتعض شاهين من كلماته فقد كان يجاهد قلبه الذي أخذ ينتفض بداخله تأثرا برؤيتها هكذا و صاح بإنفعال
اصمت يا غبي أنت لا تعلم شيئا فأنا لم أرى خصلات شعرها منذ ولادة طفلنا الأول .
كان يشعر بما يقصده شاهين و ما يخابره معها ولكنه حاول أن يضعه على الطريق الصحيح قائلا
شاهين استمع إلي .. أنا أتحدث بجدية زوجتك إمرأة صالحة تمتلك العديد من الصفات الحسنة لا تضيعها من بين يديك .
لون الامتعاض ملامحه وهتف بلهجة جافة
هل تغازل زوجتي أيها الدب ذو الفم الكبير
برقت عيني فراس و زمجر پغضب
لو نعتني مرة ثانية بذو الفم الكبير و خاصة أمام نور سأدق عنقك أقسم .
رمقه شاهين بمكر قبل أن يضيق عينيه قائلا بتخابث
نور ! اها .. أخبرتني الآن هل خضع الأسد أخيرا و أستسلم لمشاعره..
لم يعجبه ما يرمي إليه بكلماته فهتف بحدة
اصمت يا غبي
حسنا سأصمت فأنا لا اكترث لك الآن..
لم يكن يعيره أي انتباه فقد كان مشغولا بمراقبتها من بعيد وهي توزع ابتسامتها العذبة على من حولها وقد شعر بالغيرة التي تجاهلها على الفور و حاول قدر الإمكان أن يظهر بمظهر اللامبالي خاصة أمام نظرات فراس المتفحصة فلجأ إلى سخريته المعتادة حين قال
يا إلهي لو تعلم كم تمنيت أن تخرج فتوى من دار الإفتاء تحرم تلك التسريحة اللعېنة .. الحمد لك يا الله فالمعجزات تحققت أخيرا
أخذ يهز برأسه يمينا و يسارا بيأس من عناد صديقه الذي يحاول قمع شعوره تجاهها و إقناع نفسه و الجميع أنه لا يتأثر بينما هو ېحترق من الداخل ..
انظري هناك من ېحترق في الخلف
هكذا قالت نور بتخابث فشعرت هدى بقلبها الذي تبعثرت نبضاته حين علمت بأنه جاء إلى الحفل ولكنها و بشق الأنفس حاولت الثبات و رسم الجمود على ملامحها و نبرة صوتها حين قالت
لا أهتم .. و لا أريد حتى أن أضيع وقتي بذكره
كانت صديقتها و تشعر بما يعتمل بداخلها و قد أعطتها الحق في ذلك لذا آثرت الصمت و النظر أمامها و كذلك فعلت هدى التي كانت تشعر بنظراته تخترقان ظهرها و تشعلان چراحها الدامية والتي لا تعرف كم تحتاج من السنوات لمداواتها ..
اهتز الهاتف في
حقيبتها فقامت بالتقاطه إذا مربية الأطفال تتصل بها فتوجهت بخطى متلهفة إلى الخارج لتجيبها و شاركتها خطواته بنفس ذات اللهفة حيث قادته إليها حين وجدها تتوجه إلى الخارج فتبعها كالمغيب وهو يشق طريقه بين الناس بصعوبة متجاهلا مجاملاتهم الزائفة التي كان يرد عليها بإبتسامة صفراء إلى أن وصل حيث تقف فوجدها تتحدث على الهاتف بإنفعال فشعر بضربات قلبه تتقافز بداخله وهو يقترب منها ليستمع إلى صوتها المړتعب وهي تقول
حسنا سآتي على الفور .
لون الاحتقار ملامحها و أبرزته عينيها بسخاء بينما احتدت نبرتها اكثر وهي تقول
لا أريد حتى النظر إلى وجهك فلا تحلم بأن اشكو لك ما يحدث معي ..
هذه هي المرة الأولي و الأخيرة التي سأسمح لك بمحادثتي بتلك الطريقة .. وأن كررتها
أقسم أنني لن أتردد في اقتلاع لسانك من فمك هل فهمتي
نجحت في إنتزاع يدها من قبضته الغير رحيمة وهي تجاهد عبرات الألم بضراوة بينما هسهست بجفاء
لن أتردد في تكرارها أن اعترضت طريقي مرة أخرى .. و تهديدك هذا لا يخيفني أبدا..
لم تتيح له الفرصة للرد فقد أنهت كلماتها وانطلقت إلى داخل الحفل لتتركه كبركان مشتعل من فرط الڠضب الذي حول دمائه إلى جمرات جعلته يطلق أسوأ أنواع السباب وهو يغادر الحفل ..
بينما كانت هي تهرول باحثه عن زين لتخبره بأن طفلتها تعاني من آثار الحمى فقد هاتفتها المربية لتخبرها بضرورة أخذها إلى المشفى .. وحين سمع زين ذلك توجه معها على الفور إلى المنزل لنقل الطفلة إلى المشفى الذي ما أن وصلوا إليه حتى هرول قسم الطوارئ لاستقبالهم و لنجدة الطفلة التي كانت ترتجف من شدة إرتفاع حرارتها مما جعل هدى تفقد أعصابها وټنهار أمام باب المشفى فالتقطتها يد زين وهو يحاول تهدئتها بشتى الطرق ولكنها كانت ترتعب كلما تذكرت حالة الطفلة.. أخيرا و بعد عناء نجح في تهدئتها و خاصة حين جاءت الممرضة لتخبرها بأن الأطباء قاموا باللازم و قد زال الخطړ نسبيا و إن أرادت رؤيتها فقد وضعوها في غرفة منفردة
بالطبع أريد رؤيته ابنتي .. أين هي
أخذتها الممرضة إلى حيث غرفة الطفلة و خلفها زين الذي ما أن أوشكت أن تدلف إلى داخل الغرفة حتى أوقفها سؤاله الذي أثار حنقها كثيرا
هل أخبرتي شاهين بما حدث
اكتفت بكلمة واحدة مقتضبة
لا ..
كان يعلم الإجابة مسبقا وحتى لو لم تعجبه فهو لن يجادلها الآن فهو يعلم أنها
فعلت ذلك امتثالا لأوامر كبريائها و أيضا لتثبت له و للجميع بأنه خارج نطاق حياتها هي و أطفالها
بعد أكثر من نصف ساعة خرجت من الغرفة تجر أقدامها التي ثقلت تحت وطأة الحزن الذي يرثو فوق قلبها المړتعب على طفلتها التي تمكن منها الإعياء و لم يحتمل جسدها الهزيل فراحت في سبات عميق لتخرج هي إلى الرواق حتى تدعها ترتاح قليلا .
كيف هي
أخبرينا كيف حالها
هكذا تعالت الاسئلة فوق أفواه الجميع الذين هرعوا إلى المشفى حين هاتفهم زين وما أن شاهدوها تخرج من الغرفة حتى اندفعوا بلهفة ليطمئنوا على حال الصغيرة و من بينهم هو .. ولكنها أعطته قدره من التجاهل حيث توجهت بحديثها إلى زينات و ناريمان و زين قائلة بصوت مبحوح من فرط البكاء
أنها نائمة.
مظهرها وحده كفيل بشرح ما يجيش بداخلها من ألم شعر به ينطبع داخله على الرغم من غضبه منها ولكن مظهرها احزنه فأخذت عينيه تطوف على ملامحها الشاحبة و عينيها التي تغزوها شعيرات حمراء تبدو كلوحة ملونة بالډماء تحكي قصة أمرأة أضناها العڈاب و خصلات شعرها التي كانت مسترسلة فوق ظهرها تحاوط أكتافها التي تهدلت من فرط التعب
لا عليك يا بنيتي .. أن شاء الله ستكون بخير .
رددت بنبرة مرتجفة من بين عبرات لا تفلح في قمعها
أن شاء الله
سرعان ما امتدت يد زين تحيط بكتفيها ليجذبها لتجلس على المقعد وهو يردد بخفوت
اللهم رب الناس أذهب البأس و اشف حفيدتي أنت الشافي المعافي .
مرت دقائق تبدو ثقيلة عليها خصوصا في حضوره الذي كانت تمقته على قدر ما كانت تشتهيه سابقا ولكن لا حيلة لها فمن بالداخل طفلته ولا تستطيع أبعادها عنه أو الصړاخ بوجهه
متابعة القراءة