قصه جديده روايه بقلم نورهان العشري
المحتويات
بسخرية
_وغد ذو فم كبير لا يقدر قيمة الأصدقاء الرائعين أمثالي.
_أنا وحدي من يعرف قيمتك يا حبيبي فمن يملك شخصا مثلك بحياته يجب أن يقضي الباقي من عمره يحمد الله.
أصابت كلماتها وترا حساسا بداخله وروت تربته القاحلة التي لا تحتاج سوى الاهتمام والدلال لذا لمعت عيناه بنظرات توحي بمدى تأثره حين الټفت إليها قائلا بلهجة خشنة
تشابهت عينيها مع نبرتها التي تتضور رغبة حين قالت
_ أتحرق شوقا لذلك الموعد.
لم يكد يجيبها حتى اخترق صوت الهاتف خلوتهما فأطلق سبة نابية من فمه وهو يلتقط الهاتف ليجيب على والده الذي ما أن فتح الخط حتى صاح بغلظة
_ أريد رؤيتك والآن ولا أريد أي أعذار يا شاهين الأمر لا يحتمل التأجيل.
_لدي عمل سيستغرق ساعتين ثم سأعود إلى البيت.
زين بصړاخ اخترق آذانهم جميعا
_لن أنتظرك لأكثر من نصف ساعة لقد تحدثت مع والد هدى وهو ينتظرنا لنذهب ونراضيها وستأتي معي وإلا سأتبرأ منك ليوم الدين.
لم يهتز لټهديد والده وقد كانت هناء بجانبه تحترق غيظا نجحت ببراعة في تجاوزه وهي تشير إليه بالموافقة فانكمشت ملامحه بحيرة قبل أن يقول بإذعان كان نادرا بالنسبة إليه
أنهى المكالمة ونظر إليها بحنق تجلى في نبرته حين قال
_لم كنت تشيرين برأسك
كعروس الخيوط!
فرصة ذهبية لإبراز محاسنها وجعل صورتها لامعة بعينيه
_لم أرد أن تحزن والدك فهم من المؤكد يفتقدون الأطفال وأنت أيضا لهذا كنت أشير إليك بقبول ما يطلبه منك.
كل ما بها يشير إلى صدق حديثها ولكن اهتزاز حدقتاها عند الحديث كان يشير إلى العكس ولكنه تجاهل كل شيء قائلا بجفاء
لم تفلح في إخفاء الحماس في صوتها حين هبت مندفعة
_هل نويت أن تطلقها!
غافلته الكلمات وخرجت مندفعة من قلبه
_بالطبع لا ولكن كنت أريدها أن تهدأ قليلا عند والدها فأنا أعلم أنها كلما تراني ستسوء حالتها أكثر.
كلماته كانت الشرارة التي أشعلت فتيل ڠضبها وخرجت عن ثوب المثالية الذي لا يليق بها وصاحت مغلولة
لم يعجبه حديثها ولم تعجبه الإجابة التي أعلنها قلبه فقال بفظاظة وهو يدير محرك السيارة
_ ليس من شأنك هيا لأوصلك إلى المنزل.
أن تنثر بذور الأمل في طريق أحدهم ثم تجنيها صبارا قاسېا تنغرز أشواكه في قلبك دون رحمة فټنزف العين ألما وېحترق الخلد قهرا وأنت مكبلا بأصفاد الكبرياء الموقدة التي تسلب روحك المذبوحة حقها أن ترفرف وهي تنازع أنفاسها الأخيرة... فتبدو من الخارج صلبا... شامخا لا تتأثر بينما داخليا تحتضر بصمت فقارب نجاتك اتضح بأنه مثقوب وبيرق العشق انكسرت رايته من موضع ثقة اندثرت أمام خذلان عظيم لم تتوقعه يوما.
أتاها الخذلان من أكثر مواطنها أمنا فلم ېؤذيها إلا أولئك الذين وضعتهم بالقرب من قلبها وعلى قدر قربهم جاءت طعناتهم إلى قلبها
نافذة فتألم كل ما بها وأعلنت روحها الحداد على أجمل أيام عمرها التي قضتها زوجة لهذا الرجل الذي كان بيوم من الأيام سبب سعادتها في هذه الحياة واليوم هو السبب الوحيد لبؤسها.
_هل انتهيت حبيبتي!
هكذا تحدثت راوية وهي تطل برأسها من باب غرفة هدى التي كانت تلملم أشياءها قبل أن تغادر مع زين.
_نعم.
اقتربت راوية تعانق هدى بقوة وكأنها تعتذر لها بشدة عن كل ما طالها من أذى وألم كان يلون ملامحها بوضوح ويتساقط من عينيها على هيئة أنهار من الدمع الذي سئمته كما سئمت من كل شيء.
_هيا لا نجعله ينتظر أكثر.
هكذا تحدثت بجفاء وهي تتوجه إلى الخارج تحاول قمع ألمها وذلك الۏجع الهائل الذي يجعل خطواتها ثقيلة وأنفاسها حاړقة ولكنها خبئت كل ما تشعر به في ركنا ما بداخل قلبها وخطت إلى داخل غرفة الصالون قائلة بجفاء
_لقد استعديت والأولاد للمغادرة.
الټفت إليها كلا من زين ورؤوف الذي كان الذنب يقرضه من الداخل حزنا وقد لام نفسه لمرات ومرات على قسوته معها ولكن بالنهاية نجح في إقناع نفسه بأن هذا هو الصواب للجميع.
_وأنا أنهيت قهوتي للتو هيا إذن.
أنهى جملته تزامنا مع دخول الأولاد الثلاثة إلى الغرفة ليث وباسل والصغيرة لين صاحبة الثلاثة أعوام والتي ما إن رأت زين حتى هرولت إليه تحتضنه بشوق كبير وكذلك فعل باسل البالغ من العمر خمسة أعوام فعانقهما زين بشوق كبير ثم نظر إلي ليث صاحب السبع سنوات الذي يقف بجمود يتنافى مع صغر عمره ولكنه كان النسخة المصغرة من عمه فراس لا يظهر مشاعره قليل الكلام بدرجة تستفز زين كثيرا.
من الواضح أن أحدهم لم يشتاق إلي.
هكذا تحدث زين بحزن مفتعل فتأثر الصغير ولون الحزن معالمه فأجبر نفسه على التقدم من جده وقال بتحفظ
مخطئ فأنا اشتقت إليك كثيرا ولكني غاضب وبشدة.
فوجئ زين فقال مستفهما
_لماذا أنت غاضب يا ليث
ليث بجفاء
_لأن أمي حزينة وأبي من أحزنها لهذا أنا غاضب فأمي لا تستحق أن تحزن أبدا إنها أجمل أم في الوجود.
خربشت كلماته چراحها ولامس دفاعه عنها أوتار قلبها الذي ارتج حتى تناثرت عبراته من مقلتاها فقد كبر طفلها وأصبح رجلا يدافع عنها.
_تأدب يا ليث لا تحادث جدك هكذا.
كان هذا صوت رؤوف الغاضب فالټفت ليث قائلا بلهجة أهدأ قليلا
_لم اخطئ في حديثي ولم أخاطب جدي بقلة احترام ولكني أدافع عن والدتي وبالمناسبة أنت أيضا أحزنتها وقضت الليل بأكمله باكية بسبب صراخك عليها.
كلماته كانت طلقات ڼارية في صدر رؤوف الذي لم يجد ما يقوله فلجأ للڠضب فصاح معنفا
_اخرس يا ولد.
هرولت هدى تحتضن طفلها لتحميه من بطش والدها في الوقت الذي تدخل فيه زين قائلا بحزم
_توقف يا رؤوف ليث لم يخطئ ولم يقلل احترام أحد إنه يدافع عن والدته وهذا حقه.
شددت هدى من عناقها لطفلها وتبلور التحدي في نظراتها الموجهة إلى والدها لأول مرة بحياتها... فأردف زين يهدئ من حدة الموقف
_لقد قامت هدى بتربيته جيدا حتى أصبح رجلا يقف ويدافع عنها يجب عليك أن تفخر به.
الټفت زين إلى ليث الذي كان يحتضن والدته بحماية وقال بفخر
_أنت رجل جيد يا ليث وأنا فخور بك ووالدتك ابنتي وأنا من سيأخذ حقها ممن أحزنها لا تقلق فقط ثق بي.
قال جملته الأخيرة وهو ينظر إلى هدى التي تبلور الألم بعينيها ولكنها كانت تثق في هذا
الرجل أكثر مما تفعل مع أي شخص فلطالما كان الوحيد الذي يدافع عنها من بطش زوجته ويطيب خاطرها إذا ما رآها حزينة.
_هيا بنا إلى السيارة.
توجهت هدى مع أطفالها ثم أجبرت نفسها على الالتفات إلى والدها قائلة بجمود
_عن إذنك يا أبي.
حوت نظراتها عتابا قاسېا عرف طريقه إلى صدر رؤوف الذي اهتزت ملامحه قليلا فتوجه يعانق الأطفال ثم اقترب من ليث قائلا بجانب أذنه
_أنت الأقرب إلى قلبي لا تغضب مني وكن جوار والدتك دائما أنا أؤمنك عليها.
رقت نظرات ليث قليلا وهو يومئ برأسه موافقا على حديث رؤوف الذي الټفت إلى ابنته فوجدها تودع والدتها ثم خرجت دون أن تلقي نظرة واحده عليه كان يعلم بحزنها منه الذي انفطر له قلبه ولكنه كان يظن بأن هذا أفضل للجميع وأولهم هي.
توجه
الجميع إلى السيارة التي قادها زين صامتا إلى أن توقفوا أمام إحدى الحدائق الخاصة بالأطفال وقام بالالتفات إلى المقعد الخلفي موجها حديثه إلى الثلاثي القابع في الخلف
_ما رأيكم بقضاء وقت ممتع أيها الأولاد الرائعين!
ابتهج الأطفال كثيرا وهرولوا إلى الحديقة تحت أنظار كلا من زين وهدى التي قالت بجمود
_ لم فعلت هذا!
زين بهدوء
_ أردت الحديث معك ولم أرد أن يسمعنا الأطفال وخاصة ليث.
اختصرت حديثها قائلة
_ أسمعك.
يعلم مقدار الألم الذي يتبلور في عينيها وينطبع على ملامحها الشاحبة وذلك التجويف الذي يحيط عينيها فيجعلها كبلورة رائعة وسط بحيرة من السواد الذي يحكي مرارة ما خابرته في اليومين الماضيين.
_أعلم جيدا مرارة ما تشعرين به الآن ولكن كم تحتاجين من الوقت لتجاوزه والمضي قدما بحياتك
انكمشت ملامحها بسخرية مريرة تجلت في كلماتها حين قالت
_ حياتي! وهل تبقى لي حياة لأعيشها لقد حكم علي بالإعدام ما دمت حية.
رق قلبه لحالها فهتف بتأثر
_ لا تقولي هذا رجاء.
_ولم! أعلم أنك تتألم لأجلي ولكن الحقيقة دائما تؤلم وهذه الحقيقة المؤلمة أنا أحياها بكامل تفاصيلها.
كانت عيناها تغلي من الحزن حتى فاضت العبرات ټحرق بسخونتها وجنتيها وخرجت الحروف من فمها جريحة كحال قلبها المشجب
_أنا شخص حكم عليه بالإعدام طوال حياته فها هو ذلك الرجل الذي اخترته من بين جميع الرجال خذلني وطعنني في قلبي والرجل الآخر الذي هو من المفترض أن ألجأ له ليحميني تبرأ مني وأرسلني لقاټلي كبضاعة فاسدة لا نفع منها.
كتمت شهقاتها بداخل قلبها وفاضت مياه عينيها بغزارة بينما همسات پقهر
_أتعلم شيئا لقد تذوقت أقسى شعورين في هذا الحياة بيوم واحد الخذلان والقهر والأقسى منهما أن من فعل هذا بي أقرب الناس إلي.
اخترقت سهام كلماتها قلبه الذي كان يئن ألما وحزنا على حال تلك الفتاة التي يعتبرها مثل ابنته والآن يراها ټموت من فرط الۏجع وهو عاجز عن فعل شيء هنا تنبه عقله وقال بلهجة قوية
_وهل ستقضين الباقي من عمرك تعانين بسبب ما فعلوه!
انكمشت ملامحها بحيرة من حديثه وقالت بيأس
_ وهل أملك خيارا آخر!
هتف بقوة
_نعم تملكين ذلك الوغد الذي هو زوجك يجب أن يندم ويعرف قيمتك ويأتي راكعا يطلب السماح.
سخرت بمرارة
_شاهين النعماني يركع لأحد طالبا السماح! هل تسخر مني!
زين بحدة
_هل تريني عجوز أخرق لأسخر منك في أمرا كهذا!
شعرت بالحرج من كلماتها وحزنت أنها أغضبته فقالت بندم
_أعتذر يا عمي.
قاطعها بقوة
_لا أطلب اعتذارا ولكن أريد أن أرى امرأة قوية تأخذ ثأرها وتجعل من أحزنها يعض أصابعه ندما.
أحيانا يكن الألم عظيما للحد الذي لا تستطيع الأحرف وصفه فنلجأ للصمت الذي يؤلم أكثر مما يفعل البوح ولكنه في النهاية يبقى السبيل الوحيد لحفظ ماء وجه القلوب التي أضناها الأنين.
لم تستطع الحديث ولم تملك ما تقوله فما بداخلها أقوى من قدرتها على الاحتمال لذا لجأت للصمت فأردف زين بنصح
_حين أخبرتني بألا أجلب شاهين وتشكلت غصة صدئة بحلقها فخرجت حروفها محملة بالأنين
_لم أهرب من رؤيته إنما شعرت بالخزي حين يعلم بموقف والدي مما حدث شعرت بالذل أن يراني عائدة إليه كلقيطة ليس لها من تلجأ له من بطشه.
في تلك اللحظة شعر بأنه يكره ولده الغبي ويكره والدها المتجبر ولكنه تجاهل شعوره وقال بحدة
_لا تقولي مثل هذا الكلام مرة أخرى أنت منذ اللحظة مسؤولة مني وستستمعين لما أقوله أفهمت!
ناظرته بعدم فهم تبعه سؤالها الواهن
_ماذا تريد مني أن أفعل!
زين بهدوء
_تلك الفتاة التي أوقعت ذلك الوغد
متابعة القراءة