كاليندا روايه كامله بقلم ولاء رفعت
المحتويات
مكان تتوسطها عدة ثريات متدلية من أوتاد خشبية وسرادق مزركشة فتات الخشب الملون يفترش أرض الشارع من أوله إلي آخره والطاولات متراصة وحول كل منها كراسي موضوعة بشكل منظم وإذا بعينيها تقع علي منصة مرتفعة مزينة بأقمشة من الحرير والتول والورود يعلوها أريكة مخملية علي جانبيها إضاءة خاڤتة تكمل هذا الديكور المعروف في حفلات الأعراس بدأت الموسيقي والزغاريد تعلو فتسمرت في مكانها
_ أزيك يا شمس أبوكي عامل إيه دلوقت
رمقتها بتجهم وأجابت باقتضاب
_ كويس الحمدلله.
فقالت بدهاء وخبث ونظرات تشفي في عينيها
_ معلش بقي كنت أنا وعمك كامل هنيجي نزوره في المستشفي بس أديكي شايفة عقبال ليلتك كده أحمد ابني النهاردة فرحه علي مروة بنت عمته.
_ مبروك.
معرفة وصلة قرابة بعيدة.
وقبل أن يذهب إليه أخذ ابنته وتوجها إلي قسم الشرطة وقدم بلاغا رسميا سردت فيه شمس للضابط كل ما حدث معها بالتفاصيل و الذي جعل والدها يتخذ تلك الخطوة قبل أن
يذهب إلي المحامي فهذا علي سبيل الاحتياط و ربما ولج الشك بداخل قلبه بعد كلام شقيقه.
قائلا
_ يا أستاذ محمد صورة البلاغ اللي قدمته في المدعي عليه پتهمة علي الآنسة شمس بنت حضرتك ملهوش أي لازمة من غير أي دليل يثبت أن حمزة حماد السفوري علي بنتك.
_ تقصد إيه يا متر يعني هافضح بنتي ونروح نتبلى علي الناس من غير دليل!
ابتسم بسماجة وهو يجفف قطرات عرقه بمحرمته المنسوجة من القطن فقال
_ لاء طبعا ما أقصدش كده لاسمح الله يعني اللي فهمته من كلام بنتك في المحضر إنها معاها دليل قوي يدين إبن حماد السفوري.
نظرت شمس بتردد إلي والدها الجالس مقابلها فأومأ لها بنظرة طمأنينة قائلا
و مع آخر حرف تفوه به محمد بكل طيبة و عفوية قابلها هذا الذئب الدنيء بابتسامة انتصار و زفر بأريحية فميزان العدل الذي يزين الجدار خلفه لا يمت لأعماله بصلة ضميره في سبات عميق لن يستيقظ منه بل هو قد باعه بثمن بخس لكل ظالم متجبر يعث في الأرض فسادا ويأتي له لكي يدافع عنه ويخرجه من أي کاړثة أقترفها حيث يقوم باستغلال كل ثغرات القانون بكل الطرق الملتوية.
أمسك به الآخر وأخذ يحدق به يقول
_ هو ده اللي صور عليه اللي عمله فيكي
انتابتها حالة من القشعريرة من سؤاله الذي يدل علي حماقته بدأت عبراتها بالتجمع في مقلتيها فأجابت بصوت محشرج
_ أيوه هو لما فوقت من الإغماء اللي كنت فيه قعدت أدور علي موبايلي ملقتهوش لاقيت موبايله واقع جمبى.
أنحني بجذعه جانبا ليلتقط حقيبته الجلدية ووضع الهاتف بداخلها ثم نظر إليهما وبدأ بالنفاق يتحدث
_ أطمن يا أستاذ محمد إن شاء الله حق بنتك هايرجع وابن حماد السفوري مش هيطلع عليه نهار غير وهو مشرف علي البورش مع المجرمين اللي زيه و ده بعد ما أقدم للنيابة الدليل ده و معاه التقرير الطبي ا
و بعد مغادرتهما المكتب كشړ هذا الضبع عن أنيابه الكريهة أمسك بهاتفه وقام بالاتصال علي رقم طالما يتمني أن يصل إلي صاحبه بشتي الطرق حتي يحظى علي سخائه الذي يفضي به علي كل من يقدمون إليه الخدمات الهامة ولا أهم من تلك الفرصة الذهبية ولابد من استغلالها.
_ ألو حماد بيه
_ أيوه مين معايا
تحمحم وبزهو وفخر أجاب
_ أنا رأفت متولي المحامي اللي ماسك قضية شمس محمد نصار رفعها أبوها ضد ابنك.
_ والمطلوب مني إيه إن شاء الله بص يالاه أنا مابتهددش و روح قول للي إسمه محمد أعلي ما في خيلك أركبه وشوف حد تاني غير ابني يلبسه عملة بنته الڤاجرة.
_ إهدي كده يا باشا وروق أعصابك يعني أنا لو ضدك إيه اللي هيخليني أتصل بيك عشان أحدد معاك ميعاد نتقابل ده غير معايا حاجات تهمك أوي ممكن بسببها يروح المحروس ابنك في ستين مليون داهية ومهما عملت القضية لبساه.
_ وإيه طلباتك بقي يا حضرة الأڤوكاتو
تهللت أساريره وقال
_ كده بقي جبت من الآخر والمفيد طلباتي دي مش عايزة مكالمة في تليفون أنا أجي لك لحد عندك أشرب فنجان القهوة وتسلمني وأسلمك.
الفصل التاسع
ينتظر رأفت المحامي أمام مكتب المساعد ينظر في ساعة هاتفه بزفاذ صبر حتي صدح رنين جرس التنبيه فنهض ذلك المساعد قائلا بابتسامة زائفة
_ أتفضل يا متر حماد بيه في انتظارك.
نهض هذا الخائڼ والسعادة تنبلج علي ملامحه يعلم ما سيغتنمه من تلك الفرصة الذهبية علي يقين بأن حماد السفوري علي استعداد دفع مبالغ طائلة من أجل نجله المتهور وألا يمكث في السچن لثانية واحدة.
طرق الباب ثم قام بفتحه وأرتسم علي ثغره ابتسامة سمجة قائلا
_ مساء الخير يا حماد بيه.
أشار إليه الآخر بالدخول
_ أتفضل يا متر.
جلس علي الكرسي أمام مكتبه وقال
_ أنا عارف وقت حضرتك ضيق فمش هطول عليك كتير.
تنهد الأخر فأخبره
_ يبقي أحسن أتفضل هات اللي عندك.
تبدلت الابتسامة من السماجة إلي
المكر والدهاء
_ اللي عندي يساوي قيمة ولي عهدك أو نقدر نقول حريته وسمعته وسمعة عيلة السفوري.
رجع الأخر بظهره إلي المسند الخلفي وقال
_ مش لما أشوف اللي معاك يستحق ولا تكون اشتغاله وأبقي زي اللي بصطاد سمك في ميه.
وضع الأخر حقيبته أمامه علي الطاولة الصغيرة وقام بفتحها وأخرج منها هاتف مغلف بكيس بلاستيكي ذو
سحاب ضاغط وظرف ورقي مغلق ووضعهما علي المكتب لكن في قبضة يده.
هز الأخر رأسه وسأله
_ إيه ده
أجاب الآخر بثقة بالغة
نظر الآخر إلي الظرف وسأله
_ كام دول
أجاب حماد بعنجهية
_ خمسين ألف جنيه وليك زيهم لما أتأكد أنك مش تكون ناسخ من الفيديو اللي علي الموبايل نسخ تانية.
نصف ابتسامة علي ثغر الأخر الذي قال
_ أبقي مغفل ومچنون لو عملت حركة زي دي لأن أنا مش عايز فلوس أنا عايز أكون المحامي الخاص لسيادتك.
قهقه حماد حتي تردد صدي ضحكاته وتوقف لتتحول ملامحه إلي الجدية قائلا بتهكم
_ وأنت بقي يا محامي بير السلم عايزني أخليك المحامي بتاعي!
ابتلع الأخر الإهانة وأظهر عكس ما بداخله رمقه بثقة يخالطها نبرة ټهديد قائلا
_ أنا سامع أن حضرتك ناوي ترشح نفسك نائب في البرلمان وموضوع زي موضوع المحروس ابن سعادتك لو وصل للجهات العليا هيحطوا علي اسمك علامة إكس بالأحمر.
وأختتم كلماته ببسمة انتصار وتشفي فأحتقن وجه الآخر ليكشر عن أنيابه وقال
_ طيب واللي بلغك المعلومة دي مقالكش إن بنفوذي ممكن أخلي أسمك الجميل ده يتشطب من نقابة المحامين
نهض ووقف فوضع يديه في جيوب بنطاله قائلا بزهو وفخر
_ يبقي حضرتك ما تعرفش مين هو رأفت متولي.
أطلق الأخر زفرة كدليل علي نفاذ صبره
_ خلاصة الموضوع ده وكلمة وما فيهاش نقاش تاخد مليون جنيه وما سمعش صوتك تاني ولو عايز تكون محامي لحد واصل ممكن أعرفك علي رجال أعمال وأنت وشطارتك بقي.
أنشقت بسمة عارمة علي وجه هذا الذي يشبه الثعلب في مكره ودهائه وكالعقرب في غدره جلس علي الكرسي بأريحية قائلا
_ يبقي كدة متفقين والموبايل والتقرير بين أيديك.
_ خلي محمد نصار يبقي يروح يدور علي مين اللي عمل كدة في بنته.
دوي رنين جرس المنزل وكانت زينب تقف أمام الموقد تطهو فتركت ما بيدها وأدارت المقبض فانطفأت الڼار ثم مسحت يديها في منشفة جافة قائلة بصوت جهوري
_ حاضر ياللي بترن الجرس.
ذهبت لترتدي خمارها وفتحت الباب فوجدته شقيق زوجها قالت له بترحاب وحبور
_ يا أهلا وسهلا أتفضل يا كريم.
دلف وبيديه يحمل أكياسا معبئة بالفاكهة المختلفة
_ السلام عليكم.
أجابت الأخرى
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ليه التعب ده ده أنت جاي في بيتك مش عند حد غريب.
وضعهم علي المنضدة المجاورة لباب المنزل وقال
_ دي حاجه بسيطة عشان شمس.
_ أنت ابن حلال لسه مخلصة الأكل أدخل أغسل إيديك وبعدها ادخل صحي أخوك عقبال ما أغرف.
قالتها واتجهت نحو المطبخ فسألها
_ أومال فين شمس
تنهدت بحزن وأجابت
_ كالعادة حابسة نفسها يا قلب أمها في أوضتها الموضوع بقي صعب أوي خاصة بعد ما عرفت بحملها اللي ما كان علي البال ولا الخاطر.
_ ده إبتلاء من ربنا وعليها بالصبر أنا عارف الموضوع صعب جدا بس مش بإيدينا غير نقف معاها ونجيب حقها من إبن ال... اللي عمل فيها كده وعقبال ما ده يحصل معدش ينفع تقعدوا هنا في البلد.
_ قصدك نسيب بيتنا زي اللي عاملين عملة ونهرب!
_ مش هروب بس ما ينفعش تفضلوا قاعدين هنا أولا زمان المحامي اللي وكلته بدأ في الإجراءات وطبعا زمان حماد عرف فشيء طبيعي مش هايسيبك في حالك وتجنبا للمشاكل والأمر التاني كلها شهرين ولا تلاتة وبطن شمس هاتظهر وأنت عارف أهل البلد
ماورهمش حاجة غير الكلام وبنتك حالتها النفسية مش متحملة كلمة من حد ومحتاجة رعاية و دكتور يتابع حالتها تقدر تقولي هاتخرج وتدخل إزاي والبلد كلها أوضة وصالة!
وقبل أن يجيب شقيقه سبقته زوجته
جلس محمد علي أقرب كرسي بقلة حيلة ويأس قائلا
_ وأنا أجيب فلوس لسكن تاني منين كل مرتبي يا دوب نصه أقساط والنص التاني أكل وشرب ومصاريف البيت.
ربت شقيقه عليه بمؤازرة وقال
_ ماتشلش هم وأنا موجود.
ارتفعت زاوية فم الآخر بتهكم وقال
_ عايزني أروح أقعد مع أخواتك اللي باعوا واشتروا في ضنايا كأني مت.
أخرج من جيب بنطاله سلسلة مفاتيح خاصته وقام بأخذ مفتاح منها قائلا
_ عندي شقة كنت شاريها السنة اللي فاتت في إسكندرية بأجرها كل موسم صيف.
تفهم شقيقه مقصده فسأله
_ و شغلي اللي هنا
أجاب الآخر
_ خليك أنت هنا أيام
الشغل وفي يومين الإجازة أطلع علي إسكندرية أقعد معاهم.
تدخلت زينب قائلة
_ وأنا موافقة.
رمقها زوجها بضيق فأردفت
_ كلام أخوك كله صح ولو عندك حل تاني شور علينا وإسكندرية غير هنا علي الأقل ما أصتبحش بوش العالم اللي هنا وأسمع تلسين من اللي يسوي واللي ما يسواش.
قال كريم
_ ولما تجهزوا حالكم عرفوني وما تقلقوش الشقة مفروشة من كل حاجة وفيه سوق قريب وأنا هابقي معاكم بس
متابعة القراءة